فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أما الهم فلا يعرف الإنسان فيه سبب الخطر، ولا يعلم الإنسان مكر الناس به؛ لأن الإنسان لا يعلم ما بَيَّتوا له.
وشغل الإنسان بأمر الدنيا وأن يكون منعَّمًا ومرفَّهًا في كل أمور الحياة، يجعله عُرْضة للهموم.
وكان سيدنا جعفر الصادق له بصر وبصيرة بآيات القرآن ومتعلقاتها، فقال: عجبت لمن خالف ولم يفزع إلى قول الحق سبحانه: {حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوكيل} [آل عمران: 173]. ولا يُتعجب لمن يخيفه شيء إلا إذا كان عند المتعجب شيء يزيل الخوف. فمن عنده صداع يمكنه أن يعالجه بالأسبرين، أما الخوف فقد وصف سيدنا جعفر دواءه، بقول الله سبحانه: {حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الوكيل} [آل عمران: 173]. فذلك هو الدرع من كل خوف. ويقدم جعفر الصادق لنا السبب فيقول: لأن الله سبحانه قال عقبها: {فانقلبوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سواء} [آل عمران: 174]. أي: أن سيدنا جعفرًا جاء بالحيثية من نفس القرآن، وأضاف جعفر الصادق: وعجبت لمن اغتمَّ وهو الموضوع الذي نبحثه الآن ولم يفزع إلى قول الله سبحانه: {لاَّ إله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظالمين} [الأنبياء: 87].
فإني سمعت الله تعالى بعقبها يقول: {فاستجبنا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الغم وكذلك نُنجِي المؤمنين} [الأنبياء: 88].
وعجبت لمن مُكِر به كيف لا يفزع إلى قول الله سبحانه: {وَأُفَوِّضُ أمري إِلَى الله إِنَّ الله بَصِيرٌ بالعباد} [غافر: 44].
لأني سمعت الله تعالى بعقبها يقول: {فَوقَاهُ الله سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سواء العذاب} [غافر: 45].
وعجبت لمن طلب الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قول الله سبحانه: {مَا شَاءَ الله لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بالله} [الكهف: 39].
لأني سمعت الله تعالى بعقبها يقول: {فعسى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِّنَ السماء فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40].
وهكذا وجد جعفر الصادق رضي الله عنه في كتاب الله أربع آيات لأربع حالات نفسية تصيب البشر، وجاء مع كل حالة دليلها من القرآن الكريم.
وقول الحق سبحانه وتعالى في آخر سورة يونس: {واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ} [يونس: 109].
مناسب لقوله سبحانه في الآية الأولى من السورة التي تليها: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: 1].
لأن الوحي كتاب أحكمت آياته حقًا وصدقًا. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

{وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (93)} يعني: أنزلنا بني إسرائيل: {مُبَوَّأَ صِدْقٍ} يعني: منزل صدق، وهو أرض مصر، وذلك أن الله تعالى قد وعد لهم بأن يورِّثهم أرض مصر، فلما غرق فرعون، رجع موسى عليه السلام ببني إسرائيل، إلى أرض مصر، فنزلوا بها وسكنوا الدِّيار. ويقال: مبوأ صدق يعني: أرضًا كريمة، يعني: أرض أردن وفلسطين. ويقال: منزل حسن. وقال قتادة: أرض الشام. ويقال: الأرض المقدسة.
{وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطيبات} يعني: من ميراث أهل مصر، وأهل الشام.
{فَمَا اختلفوا حتى جَاءهُمُ العلم} فما اختلفوا في الدين حتى جاءهم البيان، يعني: جاءهم موسى عليه السلام بعلم التوراة، فاختلفوا من بعد يوشع بن نون.
ويقال فما اختلفوا في أمر محمد صلى الله عليه وسلم حتى جاءهم العلم، يعني: خرج النبي صلى الله عليه وسلم وجاءهم بالقرآن، لأنهم لم يزالوا مؤمنين به، وذلك أنهم يجدونه مكتوبًا عندهم، فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم جحدوا به بعد العلم.
{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} من الذين آمن بعضهم، وكفر بعضهم.
قوله تعالى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكّ مّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ} من القرآن،: {فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءونَ الكتاب مِن قَبْلِكَ} يعني: مؤمني أهل التوراة.
وذلك أن كُفّار قريش، قالوا: إنّ هذا الوحي يلقيه إليه الشيطان، فأنزل الله تعالى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكّ مّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ} فسيخبرونك أنه مكتوب عندهم في التوراة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا أسْأَلُ أحَدًا، وَلا أشُكُّ فِيهِ، بَلْ أشُهَدُ أنَهُ الحَقُّ».
وقال القتبي: فيه تأويلان، أحدهما: أن تكون المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد فيه غيره من الشُّكّاك، لأن القرآن نزل عليه بمذاهب العرب وهم يخاطبون الرجل بشيء، ويريدون به غيره، كما قالوا: إيَّاك أعني واسمعي يا جارية.
وكقوله: {يا أَيُّهَا النبي اتق الله وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين إِنَّ الله كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الأحزاب: 1] أراد به الأمة، يدل عليه قوله تعالى في آخره: {يا أيها الذين ءَامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ في سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ ألقى إِلَيْكُمُ السلام لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحياة الدنيا فَعِنْدَ الله مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كذلك كُنتُمْ مِّن قَبْلُ فَمَنَّ الله عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 94].
وكقوله: {وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرحمن ءَالِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: 45].
ووجه آخر: أن النّاس كانوا على ثلاث مراتب، منهم من كان مؤمنًا، ومنهم من كان كافرًا، ومنهم من كان شاكًا، وإنَّما خاطب بهذا الشَّاكَّ.
ثم قال: {لَقَدْ جَاءكَ الحق مِن رَّبّكَ} يعني: القرآن: {فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين} يعني: من الشاكين،: {وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الذين كَذَّبُواْ بآيات الله} يعني: بالكتاب، وبالرسالات: {فَتَكُونَ مِنَ الخاسرين}، يعني: من المغبونين.
قوله تعالى: {إِنَّ الذين حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبّكَ}، يعني: وجبت عليهم كلمة ربك بالسخط، وقدّر عليهم الكفر،: {لاَ يُؤْمِنُونَ} يعني: لا يُصَدِّقونَ بالقرآن أنه من الله تعالى،: {وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ ءايَةٍ} يعني: علامة: {حتى يَرَوُاْ العذاب الاليم} يعني: الهلاك في الدُّنيا، والعذاب في الآخرة.
قرأ نافع، وابن عامر: {كلمات رَبَّكَ} وقرأ الباقون: {وَأَوْرَثْنَا القوم}.
قوله تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءامَنَتْ} يقول: لم يكن أهل قرية كافرة آمنت عند نزول العذاب: {فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا} وقبل منها الإيمان، ودفع عنهم العذاب: {إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ}.
قال مقاتل: فلولا، على ثلاثة أوجه: الأول يعني: فلم، مثل قوله: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءامَنَتْ}، {فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ القرون}.
الثاني: فلولا يعني: فهلاّ كقوله: {فلولا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ ولكن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشيطان مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43]: {فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} [الواقعة: 86] والثالث: فلولا يعني: فلوما، كقوله: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأمن أَوِ الخوف أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرسول وإلى أُوْلِى الأمر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشيطان إِلاَّ قَلِيلًا} [النساء: 83]: {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ المسبحين} [الصافات: 143].
ويقال: فلولا هاهنا، بمعنى فهلا كانت قرية آمنت، فنفعها إيمانها.
ومعناه فهلاّ آمنت في وقت ينفعها إيمانها.
فأعلم الله تعالى، أن الإيمان لا ينفع عند نزول العذاب، ثمّ قال: {إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ} معناه: لكن قوم يونس: {لَمَّا ءامَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ} يعني: آمنوا قبل المعاينة، فكشفنا عنهم. وروى ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءامَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا} كما نفع قوم يونس.
وعن قتادة: إنَّ قوم يونس عليه السلام خرجوا ونزلوا على تل، فدعوا الله تعالى أربعين ليلة، حتى تاب الله عليهم. وروي عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم أنَّ يونس بعثه الله تعالى إلى قومه، فدعاهم إلى عبادة الله تعالى، وترك ما هم فيه من الكفر، فأبوا، فدعا ربه فقال: يا رب قد دعوتهم، فأبوا.
فأوحى الله تعالى إليه أن ادعهم، فإن أجابوك وإلا فأعلمهم أن العذاب يأتيهم إلى ثلاثة أيام.
فدعاهم فلم يجيبوه، فأخبرهم بالعذاب، فقالوا: ما جربنا عليه كذبًا مذ كان معنا، فإن لم يلبث معكم، وخرج من عندكم، فاحتالوا لأنفسكم.
فلمّا كان بعض الليل خرج يونس من بينهم، فلما كان اليوم الثالث رأوا حمرة وسوادًا في السماء، كهيئة النار والدخان، فظنُّوا أن العذاب نازل بهم، فجعلوا يطلبون يونس عليه السلام فلم يجدوه، فلما كان آخر النهار أيسوا من يونس.
وجعل يهبط السواد والحمرة، فقال قائل منهم: إن لم تجدوا يونس عليه السلام فإنكم تجدون رب يونس، فادعوه، وتضرعوا إليه.
فخرجوا من القرية إلى الصحراء، وأخرجوا النساء والصبيان والبهائم، وفرقوا بين كل إنسان وولده، وبين كل بهيمة وولدها، ثمّ عجوا إلى الله تعالى مؤمنين، مصدقين.
وارتفعت أصوات الرجال والنساء والصبيان، وخوار البهائم وأولادها، واختلطت الأصوات، وقربت منهم الحمرة والدخان، حتى غشي السواد سطوحهم، وبلغهم حرُّ النار.
فلما عرف الله تعالى منهم صدق التوبة، رفع عنهم العذاب بعدما كان غشيهم، فذلك قوله تعالى: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءامَنَتْ} يعني: لم يكن أهل قرية آمَنَتْ: {فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا} عند نزول العذاب: {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ ءامَنَتْ فَنَفَعَهَا} يعني: صدّقوا بالألسن والقلوب، عرف الله تعالى منهم الصدق،: {كَشَفْنَا عَنْهُمُ} يعني: رفعنا وصرفنا.
{عَذَابَ الخزى في الحياة الدنيا} يعني: عذاب الهون،: {وَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ} يعني: إلى منتهى آجالهم.
وفي هذه الآية تخويف وتهديد لكفار مكة، ولجميع الكفار إلى يوم القيامة، أنهم إن لم يؤمنوا ينزل بهم العذاب، فلا ينفعهم إيمانهم عند نزول العذاب.
قوله تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن في الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعًا} يعني: وفَّقهم لذلك وهداهم.
ويقال: في الآية مضمر.
ومعناه: ولو شاء ربك أن يؤمنوا، لآمنوا كلهم جميعًا.
{أَفَأَنتَ تُكْرِهُ الناس} يعني: الكفار: {حتى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} ويقال: هو عمه أبو طالب.
ولها وجه آخر: ولو شاء ربك، لأراهم علامة لأضطروا إلى الإيمان، كما فعل بقوم يونس، ولكن لم يفعل ذلك لأن الدنيا دار ابتلاء ومحنة.
ثم قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله} يعني: بإرادة الله تعالى، وتوفيقه: {وَيَجْعَلُ الرجس} يعني: الكفر: {عَلَى الذين لاَ يَعْقِلُونَ} يعني: يترك حلاوة الكفر في قلوب الذين لا يرغبون في الإيمان.
ويقال: ويجعل الرجس، يعني: الإثم.
ويقال: الرجس يعني: العذاب.
قرأ عاصم، في رواية أبي بكر: {وَنَجْعَلُ الرجس} بالنون، وقرأ الباقون: {وَيَجْعَلَ} بالياء.
ثمّ أخبر أنه لا عذر لمن تخلّف عن الإيمان؛ لأنه قد بيّن العلامات، وهو قوله: {قُلِ انظروا مَاذَا في السموات} من الدلائل، من الشمس، والقمر، والنجوم،: {وَ} ما في: {وَفِى الأرض}، من الجبال، والبحار، والأشجار، والثمار، فاعتبروا به.
ثم قال حين لم يعتبروا به: {وَمَا تُغْنِى الآيات} ما تنفع العلامات، التي في السموات والأرض: {والنذر} يعني: الرسل: {عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} يعني: لا يرغبون في الإيمان، ولا يطلبون الحق.
وقال أبو العالية: لا تنفع الآيات والرسل عن قوم قد قُدِّر عليهم أنهم لا يؤمنون.
ويقال: عَنْ هاهنا صلة، ومعناه: وما تغني الآيات والنذر قومًا لا يؤمنون، يعني: علم الله في الأزل أنهم لا يؤمنون.
ثم خَوَّفَهُمْ فقال تعالى: {فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ} يعني: أن يصيبهم العذاب، مثل ما أصاب الأمم الخالية.
{قُلْ فانتظروا} يعني: انتظروا العذاب: {إِنّى مَعَكُم مّنَ المنتظرين}.
ويقال انتظروا لهلاكي، فإني معكم من المنتظرين بهلاككم.
قوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجّى رُسُلَنَا} يعني: أنجيناهم من العذاب والهلاك،: {والذين ءامَنُواْ} معهم.
انصرف هذا إلى قوله: {مِثْلَ أَيَّامِ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ ثُمَّ نُنَجّى رُسُلَنَا} يعني: أنجيناهم من العذاب، والذين آمنوا.
يعني: أنجيناهم معهم.
ومعناه: إذا جاءهم العذاب ينجي الله تعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم، ومن آمن معه، كما أنجى سائر الرسل، والذين آمنوا معهم.
{كَذَلِكَ حَقّا عَلَيْنَا} يعني: هكذا واجب علينا: {نُنجِ المؤمنين} من العذاب.
قرأ الكسائي، وعاصم في رواية حفص: {ثُمَّ نُنَجّى}.
بجزم النون وتخفيف الجيم، وقرأ الباقون: {نُنَجّى} بالنصب والتشديد.
وكذلك في قوله: {نُنجِ} الْمُؤْمِنينَ ومعناها واحد: نجيته، وأنجيته.
ثم قال عز وجل: {قُلْ يا أهل أَيُّهَا الناس} يعني: يا أهل مكة، وذلك حين دعوه إلى دين آبائهم، فقال: {إِن كُنتُمْ في شَكّ مّن دِينِى} الإسلام، وترجون أن أرجع إلى دينكم، وأترك هذا الدين فلا أفعل ذلك.
وهو قوله: {فَلاَ أَعْبُدُ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله} من الآلهة، ويقال، معناه: إن كنتم في شك من ديني، فأنا مستيقن في دينكم ومعبودكم أنهما باطلان،: {فَلاَ أَعْبُدُ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله}.
{ولكن أَعْبُدُ الله} يعني: أوحده وأطيعه: {الذى يتوفاكم} يعني: يميتكم عند انقضاء آجالكم: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المؤمنين} يعني: من الموقنين على دينهم، ولا أرجع عن ذلك.